کد مطلب:90500 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:270
إِذَا كَانَ غَدٌ[1] فَأْتِنی حَتَّی أُخْبِرَكَ عَلی أَسْمَاعِ النَّاسِ، فَإِنْ نَسیتَ مَقَالَتی حَفِظَهَا عَلَیْكَ غَیْرُكَ. فَإِنَّ الْكَلامَ كَالشَّارِدَةِ، یَثْقُفُهَا[2] هذَا، وَ یُخْطِئُهَا هذَا. [ وَ لمّا كان الغد خطب علیه السلام فقال: ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِی ابْتَدَأَ الأُمُورَ بِعِلْمِهِ فیهَا، فَاصْطَفی[3] لِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَاءَ، وَ اسْتَخْلَصَ مِنْهَا مَا أَحَبَّ، فَكَانَ مِمَّا أَحَبَّ أَنَّهُ ارْتَضَی الإِیمَانَ وَ اشْتَقَّهُ مِنِ اسْمِهِ، فَنَحَلَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ. ثُمَّ[4] شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَكُمُ[5] الإِسْلامَ، فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَ أَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلی مَنْ[6] غَالَبَهُ[7]، فَجَعَلَهُ عِزّاً لِمَنْ وَالاهُ[8]، وَ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ، وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَ عُدَّةً لِمَنِ انْتَحَلَهُ، وَ هُدیً لِمَنِ [صفحه 177] ائْتَمَّ بِهِ، وَ زینَةً لِمَنْ تَحَلَّی بِهِ[9]، وَ عُرْوَةً لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ، وَ حَبْلاً وَثیقاً لِمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ[10]، وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَ فَلَجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ[11]، وَ نُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ، وَ شَرَفاً لِمَنْ عَرَفَهُ، وَ عَوْناً لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ، وَ نَجَاةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَ حِكْمَةً لِمَنْ نَطَقَ بِهِ، وَ حُكْماً لِمَنْ قَضی بِهِ، وَ عِلْماً لِمَنْ وَعَاهُ، وَ حدیثاً لِمَنْ رَوَاهُ، وَ حِلْماً لِمَنْ حُرِبَ، وَ[12] فَهْماً لِمَنْ تَفَطَّنَ[13]، وَ یَقیناً[14] لِمَنْ عَقَلَ، وَ لُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ، وَ آیَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَ تَبْصِرَةً[15] لِمَنْ عَزَمَ، وَ عِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، وَ نَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ، وَ تُؤْدَةً[16] مِنَ اللَّهِ لِمَنْ أَصْلَحَ، وَ زُلْفی لِمَنِ اقْتَرَبَ[17]، وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ، وَ رَاحَةً[18] لِمَنْ فَوَّضَ، وَ سَبْقَةً[19] لِمَنْ أَحْسَنَ، وَ خَیْراً لِمَنْ سَارَعَ[20]، وَ جُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ، وَ لِبَاساً لِمَنِ اتَّقی، وَ ظْهیراً[21] لِمَنْ رَشَدَ، وَ كَهْفاً لِمَنْ آمَنَ، وَ أَمَنَةً لِمَنْ أَسْلَمَ، وَ غِنیً لِمَنْ قَنِعَ، وَ رَوْحاً لِلصَّادِقینَ، وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقینَ، وَ نَجَاةً لِلْفَائِزینَ. فَذَلِكَ الْحَقُّ، سَبیلُهُ الْهُدی، وَ صِفَتُهُ الْحُسْنی، وَ مَأْثَرَتُهُ الْمَجْدُ. [صفحه 178] فَالإِیمَانُ أَصْلُ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ[22] سَبیلُ الْهُدی وَ سَیْفُهُ[23]، فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ[24]، وَ أَوْضَحُ[25] الْوَلائِجِ، أَنْوَرُ السِّرَاجِ، مُشْرَفُ الْمَنَارِ، مُشْرِقُ الْجَوَادِّ، مُضی ءُ الْمَصَابیحِ[26]، كَریمُ[27] الْمِضْمَارِ، رَفیعُ الْغَایَةِ، جَامِعُ الْحَلَبَةِ، مُتَنَافِسُ[28] السَبْقَةِ، أَلیمُ النَّقْمَةِ، كَامِلُ الْعُدَّةِ[29]، شَریفُ الْفُرْسَانِ، وَاضِحُ الْبَیَانِ، عَظیمُ الشَّأْنِ، بَشیرٌ لِمَنْ سَلَكَ قَصْدَ السَّالِكینَ[30]. فَالتَّصْدیقُ[31] مِنْهَاجُهُ، وَ الصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ، وَ الْفِقْهُ مِصْبَاحُهُ[32]، وَ الدُّنْیَا مِضْمَارُهُ، وَ الْمَوْتُ غَایَتُهُ، وَ الْقِیَامَةُ حَلْبَتُهُ، وَ الْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ، وَ النَّارُ نَقْمَتُهُ، وَ التَّقْوی عُدَّتُهُ، وَ الْمُحْسِنُونَ فُرْسَانُهُ[33]. و الجنّة سبقته ورد فی تحت الرقم 106. [صفحه 179] الْعِلْمُ[34]، وَ بِالْعِلْمِ[35] یُرْهَبُ الْمَوْتُ، وَ بِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْیَا، وَ بِالدُّنْیَا تُحْرَزُ الآخِرَةُ، وَ بِالْقِیَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقینَ، وَ تُبَرَّزُ الْجَحیمُ لِلْغَاوینَ، وَ بِالْجَنَّةِ تَكُونُ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَ فی ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ مَوْعِظَةُ أَهْلِ التَّقْوی، وَ التَّقْوی سِنْخُ الإیمَانِ. فَمُعْتَصَمُ السُّعَدَاءِ بِالإیمَانِ، وَ خِذْلاَنُ الأَشْقِیَاءِ بِالْعِصْیَانِ، مِنْ بَعْدِ إِتْمَامِ الْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ بِالْبَیَانِ، إِذْ وَضَحَ لَهُمْ مَنَارُ الْحَقِّ وَ سَبیلُ الْهُدی. فَتَارِكُ الْحَقِّ مُشَوَّهٌ یَوْمَ التَّغَابُنِ خِلْقَتُهُ، دَاحِضَةٌ حُجَّتُهُ عِنْدَ فَوْزِ السُّعَدَاءِ بِالْجَنَّةِ. وَ التَّقْوی غَایَةٌ لا یَهْلِكُ مَنِ اتَّبَعَهَا، وَ لا یَنْدَمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لأَنَّ بِالتَّقْوی فَازَ الْفَائِزُونَ، وَ بِالْمَعْصِیَةِ خَسِرَ الْخَاسِرُونَ. فَلْیَزْدَجِرْ أُولُوا النُّهی، وَ لْیَتَذَكَّرْ أَهْلُ التَّقْوی، فَ[36] إِنَّ الْخَلْقَ لا مَقْصَرَ لَهُمْ فِی[37] الْقِیَامَةِ دُونَ الْوُقُوفِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ[38]، مُرْقِلینَ فی مِضْمَارِهَا، نَحْوَ الْقَصَبَةِ الْعُلْیَا[39] إِلَی الْغَایَةِ الْقُصْوی، مُهْطِعینَ بِأَعْنَاقِهِمْ نَحْوَ دَاعیهَا[40]. قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الأَجْدَاثِ، وَ صَارُوا إِلی مَصَائِرِ الْغَایَاتِ، وَ أُقیمَتْ عَلَیْهِمُ الْحُجَجُ[41]. لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا، لا یَسْتَبْدِلُونَ بِهَا، وَ لا یُنْقَلُونَ عَنْهَا. قَدِ انْقَطَعَتْ بِالأَشْقِیَاءِ الأَسْبَابُ، وَ أَفْضَوْا إِلی عَذَابِ شَدیدِ الْعِقَابِ، فَلا كَرَّةَ لَهُمْ إِلی دَارِ الدُّنْیَا فَیَتَبَرَّؤُوا مِنَ الَّذینَ آثَرُوا طَاعَتَهُمْ عَلی طَاعَةِ الْكَبیرِ الْمُتَعَالِ، وَ فَازَ السُّعَدَاءُ بِوَلایَةِ الإیمَانِ. [صفحه 180] أَلا فَإِنَّ[42] الإیمَانَ بُنِیَ[43] عَلی أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَی الصَّبْرِ، وَ الْیَقینِ، وَ الْعَدْلِ، وَ الْجِهَادِ. فَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی الشَّوْقِ، وَ الشَّفَقِ، وَ الزُّهْدِ، وَ التَّرَقُّبِ. فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْجَنَّةِ سَلا عَنِ الشَّهَوَاتِ. وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ[44] الْمُحَرَّمَاتِ. وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا اسْتَهَانَ بِالْمُصیبَاتِ[45]. وَ مَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَی[46] الْخَیْرَاتِ. وَ الْیَقینُ مِنْهَا عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلی تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ[47]، وَ تَأَوُّلِ[48] الْحِكْمَةِ، وَ مَوْعِظَةِ[49] الْعِبْرَةِ، وَ اتِّبَاعِ[50] سُنَّةِ الأَوَّلینَ. فَمَنْ تَبَصَّرَ فِی الْفِطْنَةِ تَبَیَّنَتْ لَهُ[51] الْحِكْمَةُ. وَ مَنْ تَبَیَّنَتْ لَهُ[52] الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ. وَ مَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ عَرَفَ السُّنَّةَ. [صفحه 181] وَ مَنْ اتَّبَعَ السُّنَّةَ[53] فَكَأَنَّمَا كَانَ[54] فِی الأوَّلینَ. وَ الْعَدْلُ مِنْهَا عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلی غَائِصِ الْفَهْمِ، وَ غَوْرِ[55] الْعِلْمِ، وَ زَهْرَةِ[56] الْحُكْمِ، وَ رَسَاخَةِ الْحِلْمِ. فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ[57]. وَ مَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ[58] شَرَائِعِ الْحُكْمِ[59]. وَ مَنْ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ لَمْ یَضِلَّ[60]. وَ مَنْ حَلُمَ لَمْ یُفَرِّطْ فی أَمْرِهِ[61]، فَاهْتَدی إِلَی الَّتی هِیَ أَقْوَمُ[62]، وَ عَاشَ فِی النَّاسِ حَمیداً. وَ الْجِهَادُ مِنْهَا عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ الصِّدْقِ فِی الْمَوَاطِنِ، وَ شَنَآنِ الْفَاسِقینَ وَ الْغَضَبِ للَّهِ[63]. فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤْمِنینَ. وَ مَنْ نَهی عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنَافِقینَ[64] [صفحه 182] وَ مَنْ صَدَقَ فِی الْمَوَاطِنِ قَضی مَا[65] عَلَیْهِ، وَ أَحْرَزَ دینَهُ[66]. وَ مَنْ شَنِئَ الْفَاسِقینَ وَ غَضِبَ للَّهِ، غَضِبَ اللَّهُ تَعَالی[67] لَهُ وَ أَرْضَاهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. فَذلِكَ الإیمَانُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ[68]. وَ الْكُفْرُ[69] عَلی أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَی التَّعَمُّقِ فِی الرَّأْی[70]، وَ التَّنَازُعِ فیهِ[71]، وَ الزَّیْعِ، وَ الشِّقَاقِ[72]. فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ یُنِبْ إِلَی الْحَقِّ، وَ لَمْ یَزْدَدْ إِلاَّ غَرَقاً فِی الْغَمَرَاتِ، فَلَمْ تَحْتَبِسْ عَنْهُ فِتْنَةٌ إِلاَّ غَشِیَتْهُ أُخْری، وَ انْخَرَقَ دینُهُ، فَهُوَ یَهیمُ فی أَمْرٍ مَریجٍ. وَ مَنْ نَازَعَ فِی الرَّأْی وَ خَاصَمَ شَهَرَ بِالْعَتَلِ، [ وَ ] قَطَعَ بَیْنَهُمُ الْفَشَلُ، وَ بَلی أَمْرُهُمْ مِنْ طُولِ اللَّجَاجِ[73]. وَ مَنْ كَثُرَ[74] نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ. وَ مَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ، وَ حَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّیِّئَةُ، وَ سَكِرَ سُكْرَ الضَّلالَةِ. وَ مَنْ شَاقَّ وَ عُرَتْ عَلَیْهِ طُرُقُهُ، وَ أَعْضَلَ عَلَیْهِ أَمْرُهُ، وَ ضَاقَ مَخْرَجُهُ، وَ حَرِیٌّ أَنْ یَرْجِعَ عَنْ[75] [صفحه 183] دینِهِ، وَ یَتَّبِعَ غَیْرَ سَبیلِ الْمُؤْمِنینَ. وَ الْفِسْقُ عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی الْجَفَاءِ، وَ الْعَمی، وَ الْغَفْلَةِ، وَ الْعُتُوِّ. فَمَنْ جَفَا حَقَّرَ الْحَقَّ[76]، وَ جَهَرَ بِالْبَاطِلِ، وَ مَقَتَ الْفُقَهَاءَ[77]، وَ أَصَرَّ عَلَی الْحِنْثِ الْعَظیمِ. وَ مَنْ عَمی نَسِیَ الذِّكْرَ، وَ اتَّبَعَ الظَّنَّ، وَ بَارَزَ خَالِقَهُ، وَ أَلَحَّ عَلَیْهِ الشَّیْطَانُ، وَ طَلَبَ الْمَغْفِرَةَ بِلا تَوْبَةٍ وَ لاَ اسْتِكَانَةٍ. وَ مَنْ غَفَلَ حَادَ عَنِ الرُّشْدِ، [ وَ ] جَنی عَلی نَفْسِهِ، وَ أَثْقَلَ[78] ظَهْرَهُ، وَ حَسِبَ غَیَّهُ رُشْداً، وَ غَرَّتْهُ الأَمَانِیُّ، وَ أَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ وَ النَّدَامَةُ، إِذَا انْقَضَی الأَمْرُ وَ انْكَشَفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ، وَ بَدَا لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ یَكُنْ یَحْتَسِبُ. وَ مَنْ عَتَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ شَكَّ، وَ مَنْ شَكَّ تَعَالَی[79] اللَّهُ عَلَیْهِ، ثُمَّ أَذَلَّهُ بِسُلْطَانِهِ، وَ صَغَّرَهُ بِجَلالِهِ، كَمَا فَرَّطَ فی جَنْبِهِ، وَ عَتَا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ الْكَریمِ[80]. وَ الشَّكُّ عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی التَّمَاری[81]، وَ الْهَوْلِ مِنَ الْحَقِّ[82]، وَ التَّرَدُّدِ، وَ الاِسْتِسْلامِ لِلْجَهْلِ وَ أَهْلِهِ. وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالی: فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَاری[83]. فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَیْدَناً[84] لَمْ یُصْبِحْ لَیْلَهُ. [صفحه 184] وَ مَنْ هَالَهُ مَا بَیْنَ یَدَیْهِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ. وَ مَنْ تَرَدَّدَ فِی الرَّیْبِ، سَبَقَهُ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُؤْمِنینَ، وَ أَدْرَكَهُ الآخِرُونَ، وَ[85] وَ طِئَتْهُ[86] سَنَابِكُ الشَّیَاطینِ. وَ مَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْیَا وَ الآخِرَةِ هَلَكَ فیهِمَا[87]، وَ مَنْ نَجَا مِنْ ذَلِكَ فَبِفَضْلِ الْیَقینِ. وَ الشُّبْهَةُ عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی الاِعْجَابِ بِالزّینَةِ، وَ تَسْویلِ النَّفْسِ، وَ تَأَوُّلِ الْعِوَجِ، وَ لَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ. وَ ذَلِكَ لأَنَّ الزّینَةَ تَصْدِفُ عَنِ البَیِّنَةِ. وَ تَسْویلَ النَّفْسِ یُقَحِّمُ عَلَی الشَّهْوَةِ. وَ الْعِوَجَ یَمیلُ بِصَاحِبِهِ مَیْلاً عَظیماً. وَ اللَّبْسَ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. فَذَلِكَ الْكُفْرُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ. وَ النِّفَاقُ عَلی أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَی الْهَوی، وَ الْهُوَیْنَا، وَ الْحَفیظَةِ، وَ الطَّمَعِ. وَ الْهَوی مِنْ ذَلِكَ عَلی أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَی الْبَغْی، وَ الْعُدْوَانِ، وَ الشَّهْوَةِ، وَ الطُّغْیَانِ. فَمَنْ بَغی كَثُرَتْ غَوَائِلُهُ وَ عِلاَّتُهُ، وَ تَخَلَّی [ اللَّهُ ] عَنْهُ، وَ نَصَرَ عَلَیْهِ. وَ مَنِ اعْتَدی لَمْ تُؤْمَنْ بَوَائِقُهُ، وَ لَمْ یَسْلَمْ قَلْبُهُ. وَ مَنْ لَمْ یَعْزِلْ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ خَاضَ فِی الْخَبیثَاتِ، وَ سیحَ فِی الْحَسَرَاتِ. وَ مَنْ طَغی ضَلَّ عَلی غَیْرِ یَقینٍ[88]، وَ لا عُذْرَ وَ لا حُجَّةَ لَهُ. [صفحه 185] وَ أَمَّا شُعَبُ الْهُوَیْنَا فَ: الْهَیْبَةُ، وَ الْغِرَّةُ، وَ الْمُمَاطَلَةُ، وَ الأَمَلُ. وَ ذَلِكَ لأَنَّ الْهَیْبَةَ تَرُدُّ عَنْ دینِ الْحَقِّ. وَ الْغِرَّةَ بِالْعَاجِلِ تُقَصِّرُ بِالْمَرْءِ عَنِ الْعَمَلِ. وَ الْمُمَاطَلَةَ تُوَرِّطُ فِی الْعَمی حَتَّی یُقْدِمَ عَلَیْهِ الأَجَلُ. وَ لَوْ لاَ الأَمَلُ عَلِمَ الإِنْسَانُ حِسَابَ مَا هُوَ فیهِ، وَ لَوْ عَلِمَ حِسَابَ مَا هُوَ فیهِ مَاتَ خُفَاتاً مِنَ الْهَوْلِ وَ الْوَجَلِ. وَ أَمَّا شُعَبُ الْحَفیظَةِ فَ: الْكِبْرُ، وَ الْفَخْرُ، وَ الْحَمِیَّةُ، وَ الْعَصَبِیَّةُ. فَمَنِ اسْتَكْبَرَ أَدْبَرَ. وَ مَنْ فَخَرَ فَجَرَ. وَ مَنْ حَمی أَصَرَّ. وَ مَنْ أَخَذَتْهُ الْعَصَبِیَّةُ جَارَ. فَبِئْسَ الأَمْرُ أَمْرٌ بَیْنَ إِدْبَارٍ وَ فُجُورٍ، وَ بَیْنَ إِصْرَارٍ وَ جَوْرٍ. وَ شُعَبُ الطَّمَعِ أَرْبَعٌ: اَلْفَرَحُ، وَ الْمَرَحُ، وَ اللَّجَاجَةُ، وَ التَّكَاثُرُ. فَالْفَرَحُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. وَ الْمَرَحُ خُیَلاءُ. وَ اللَّجَاجَةُ بَلاءٌ لِمَنِ اضْطَرَّتْهُ إِلی حَمْلِ الآثَامِ. وَ التَّكَاثُرُ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ شُغُلٌ، وَ اسْتِبْدَالُ الَّذی هُوَ أَدْنی بِالَّذی هُوَ خَیْرٌ. فَذَلِكَ النِّفَاقُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ. وَ اللَّهُ قَاهِرٌ فَوْقَ عِبَادِهِ، تَعَالی جَدُّهُ، وَ اسْتَوَتْ بِهِ مِرَّتُهُ، وَ اشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ، وَ جَلَّ وَجْهُهُ، وَ أَحْسَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ خَلْقَهُ، وَ انْبَسَطَتْ یَدُهُ، وَ وَسِعَتْ حُجَّتُهُ، وَ ظَهَرَ أَمْرُهُ، وَ أَشْرَقَ نُورُهُ، وَ فَاضَتْ بَرَكَتُهُ، وَ اسْتَضَاءَتْ حِكْمَتُهُ، وَ فَلَجَتْ حُجَّتُهُ، وَ خَلُصَ دینُهُ، وَ حَقَّتْ كَلِمَتُهُ، وَ سَبَقَتْ حَسَنَاتُهُ، وَ صَفَتْ نِسْبَتُهُ، وَ أَقْسَطَتْ مَوَازینُهُ، وَ بَلَّغَتْ رُسُلُهُ، وَ حَضَرَتْ حَفَظَتُهُ. [صفحه 186] ثُمَّ جَعَلَ السَّیِّئَةَ ذَنْباً، وَ الذَّنْبَ فِتْنَةً، وَ الْفِتْنَةَ دَنَساً. وَ جَعَلَ الْحُسْنی عُتْبی، وَ الْعُتْبی تَوْبَةً، وَ التَّوْبَةَ طَهُوراً. فَمَنْ تَابَ اهْتَدی، وَ مَنِ افْتُتِنَ غَوی، مَا لَمْ یَتُبْ إِلَی اللَّهِ، وَ یَعْتَرِفْ بِذَنْبِهِ، وَ یُصَدِّقْ بِالْحُسْنی. وَ لا یَهْلِكُ عَلَی اللَّهِ إِلاَّ هَالِكٌ. فَاللَّهَ اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، مَا أَوْسَعَ مَا لَدَیْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَ الرَّحْمَةِ، وَ الْبُشْری وَ الْحِلْمِ الْعَظیمِ. وَ مَا أَنْكَلَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الأَنْكَالِ وَ الْجَحیمِ، وَ الْعِزَّةِ وَ الْقُدْرَةِ وَ الْبَطْشِ الشَّدیدِ. فَمَنْ ظَفِرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَجْلَبَ كَرَامَتَهُ. وَ مَنْ لَمْ یَزَلْ فی مَعْصِیَةِ اللَّهِ ذَاقَ وَ بیلَ نَقْمَتِهِ. هُنَالِكَ عُقْبَی الدَّارِ، لاَ یَخْشی أَهْلُهَا غَیْرَهَا. وَ هُنَالِكَ خَیْبَةٌ لَیْسَ لأَهْلِهَا اخْتِیَارٌ، وَ جَنَّاتٌ لاَ جَنَّاتٌ بَعْدَهَا. نَسْأَلُ اللَّهَ ذَا السُّلْطَانِ الْعَظیمِ، وَ الْوَجْهِ الْكَریمِ، وَ الْحِلْمِ الْعَظیمِ، خَیْرَ عَاقِبَةِ الْمُتَّقینَ، وَ خَیْرَ مَرَدِّ یَوْمِ الدّینِ. فقام إلیه رجل فقال: یا أمیر المؤمنین، حدّثنا عن میّت الأحیاء. فقال علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ النَّبِیّین مُبَشِّرینَ وَ مُنْذِرینَ، فَصَدَّقَهُمْ مُصَدِّقُونَ، وَ كَذَّبَهُمْ مُكَذِّبُونَ. فَیُقَاتِلُونَ مَنْ كَذَّبَهُمْ بِمَنْ صَدَّقَهُمْ، فَیُظْهِرُهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ یَمُوتُ الرُّسُلُ، فَتَخَلَّفُ خُلُوفٌ[89]، فَمِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِیَدِهِ وَ لِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ، فَذَلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَیْرِ. وَ مِنْهُمُ الْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ[90] بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ التَّارِكُ بِیَدِهِ، فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَیْنِ مِنْ خِصَالِ الْخَیْرِ، وَ مُضَیِّعٌ خَصْلَةً وَاحِدَةً وَ هی أَشْرَفُهَا[91]. [صفحه 187] وَ مِنْهُمُ الْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ[92] بِقَلْبِهِ وَ التَّارِكُ بِیَدَهِ وَ لِسَانِهِ، فَذَلِكَ الَّذی ضَیَّعَ أَشْرَفَ الْخَصْلَتَیْنِ مِنَ الثَّلاثِ وَ تَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ. وَ مِنْهُمْ تَارِكٌ لإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ یَدِهِ، فَذَلِكَ مَیِّتُ الأَحْیَاءِ. فقام إلیه رجل ف [ قطع علیه كلامه و ] قال: یا أمیر المؤمنین، أخبرنا، علام قاتلت طلحة و الزبیر؟. فقال علیه السلام: قَاتَلْتُهُمْ عَلی نَقْضِهِمْ بَیْعَتی، وَ قَتْلِهِمْ شیعَتی مِنَ الْمُؤْمِنینَ حُكَیْمَ بْنِ جَبَلَةَ الْعَبْدیِّ مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ، وَ السَّبَابَجَةَ، وَ الأَسَاوِرَةَ، بِلاَ حَقٍّ اسْتَوْجَبُوهُ مِنْهُمَا، وَ لاَ كَانَ ذَلِكَ لَهُمَا دُونَ الإِمَامِ. وَ لَوْ أَنَّهُمَا فَعَلاَ ذَلِكَ بِأَبی بَكْرٍ وَ عُمَرَ لَقَاتَلاَهُمَا. وَ لَقَدْ عَلِمَ مَنْ هَا هُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ لَمْ یَرْضَیَا مِمَّنِ امْتَنَعَ مِنْ بَیْعَةِ أَبی بَكْرٍ حَتَّی بَایَعَ وَ هُوَ كَارِهٌ، وَ لَمْ یَكُونُوا بَایَعُوهُ بَعْدُ الأَنْصَارُ، فَمَا بَالی وَ قَدْ بَایَعَانی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ؟. وَ لكِنَّهُمَا طَمِعَا مِنّی فی وِلاَیَةِ الْبَصْرَةِ وَ الْیَمَنِ، فَلَمَّا لَمْ أُوَلِّهِمَا، وَ جَاءَهُمَا الَّذی غَلَبَ مِنْ حُبِّهِمَا الدُّنْیَا وَ حِرْصِهِمَا عَلَیْهَا، لِمَا خِفْتُ أَنْ یَتَّخِذَا عِبَادَ اللَّه خَوَلاً، وَ مَالَ الْمُسْلِمینَ لأَنْفُسِهِمَا دُوَلاً. فَلَمَّا زَوْیُتُ ذَلِكَ عَنْهُمَا، وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ جَرَّبْتُهُمَا وَ احْتَجَجْتُ عَلَیْهِمَا. فقام إلیه رجل ف [ قطع علیه كلامه و ] قال: یا أمیر المؤمنین، أخبرنا عن الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر أ واجب هو؟. فقام علیه السلام: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ: إِنَّمَا أَهْلَكَ اللَّهُ الأُمَمَ السَّالِفَةَ قَبْلَكُمْ بِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ. یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: كَانُوا لاَ یَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا یَفْعَلُونَ[93]. وَ إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَمَنْ نَصَرَهُمَا نَصَرَهُ اللَّهُ، وَ مَنْ خَذَلَهُمَا خَذَلَهُ اللَّهُ. [صفحه 188] فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَ[94] إِنَّهُمَا لا یُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ، وَ لاَ یَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ. وَ مَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلِّهَا وَ الْجِهَادِ فی سَبیلِ اللَّهِ عِنْدَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ إِلاَّ كَنَفْثَةٍ فی بَحْرٍ لُجِّیٍّ. وَ أَفْضَلُ ذلِكَ[95] كَلِمَةُ عَدْلٍ[96] عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ.
فقال علیه السلام:
صفحه 177، 178، 179، 180، 181، 182، 183، 184، 185، 186، 187، 188.
و متن منهاج البراعة ج 21 ص 350. و نسخة عبده ص 720. و نسخة الصالح ص 522. و مصباح البلاغة ج 1 ص 14. و ورد جانبه فی تحف العقول ص 114. و نهج السعادة ج ص 396. و الأمالی ص 35. و منهاج البراعة ج 7 ص 267. مستدرك كاشف الغطاء ص 65. و نهج السعادة ج 1 ص 586 و ج 3 ص 396. و مصباح البلاغة ج 1 ص 15. باختلاف یسیر. و الأمالی ص 35. و منهاج البراعة ج 7 ص 267. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 65. و نهج السعادة ج 1 ص 586 و ج 3 ص 396. و أمالی الطوسی ص 35. و نهج السعادة ج 3 ص 397. و الأمالی ص 35. و منهاج البراعة ج 7 ص 267. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 65. و نهج السعادة ج 1 ص 586 و ج 3 ص 396. و مصباح البلاغة ج 1 ص 15. و نهج البلاغة الثانی ص 63. باختلاف یسیر. و منهاج البراعة ج 7 ص 268. و المستدرك ص 65. و نهج السعادة ج 1 ص 587. و نهج البلاغة الثانی ص 64. و نهج السعادة ج 1 ص 381. و مصباح البلاغة ج 1 ص 15. و الأمالی ص 35. و كنز العمال ج 16 ص 188. و منهاج البراعة ج 7 ص 268. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 65. و نهج السعادة ج 1 ص 381. و 588. و ج 3 ص 397. و مصباح البلاغة ج 1 ص 15 و 16. و نهج البلاغة الثانی ص 64. باختلاف. و مصباح البلاغة ج 1 ص 16. و نهج السعادة ج 1 ص 592. و ج 3 ص 375. و ص 400. و الكافی ج 2 ص 391. و تحف العقول ص 115. و نهج السعادة ج 1 ص 592 و ج 3 ص 386 و 400.